الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقد وجدنا المعتكف يدخل رأسه في اعتكافه ليصلح بذلك بدنه ، ويلم به شعثه ، ولا يكره ذلك له إذ كان ليس من شأن الاعتكاف ، وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ما :

                  1090 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عمرة ابنة عبد الرحمن ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان " .

                  1091 - حدثنا المزني ، قال : حدثنا الشافعي ، قال : حدثنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عمرة ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك .

                  1092 - حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرنا الليث ، أن ابن شهاب حدثه ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : " إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه ، فما أسأل عنه إلا وأنا مارة ، وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل علي رأسه وهو في المسجد فأرجله ، وكان لا يدخل البيت إلا للحاجة " .

                  1093 - حدثنا الربيع ، قال : حدثنا ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عروة ، أن عائشة ، قالت : " كنت أرجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو معتكف في المسجد ، فيدخل رأسه على عتبة الحجرة فأرجله " .

                  1094 - حدثنا المزني ، قال : حدثنا الشافعي ، قال : أخبرنا سفيان ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتكفا في المسجد وأخرج إلي رأسه ، فغسلته وأنا حائض " . [ ص: 479 ] .

                  قال أحمد : فلما كان الترجيل الذي ليس من شأن الاعتكاف مطلقا للمعتكف في اعتكافه ، إذ كان من صلاح بدنه ، كان ما سواه مما فيه صلاح بدنه أو صلاح ماله ، مما ليس بحرام في نفسه ، ولا ممنوع بسبب الاعتكاف مطلقا للمعتكف ، أن يفعله .

                  وفي هذا الحديث إخراج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه لترجيل عائشة إياه له فيما ليس له الخروج ببدنه كله إليه ، فدل ذلك على أن من حظر على نفسه لا يدخل بيتا ، فأدخله رأسه أنه لا يكون بذلك في معنى من دخله .

                  1095 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : قال مالك : ولم أسمع أحدا يكره للمعتكف ، ولا للمعتكفة ينكحان في اعتكافهما ما لم يكن الوقاع .

                  قال أحمد : هذا مما لا اختلاف فيه علمناه ، وفي إطلاقهم ذلك للمعتكف دليل على أن ما سواه من الأسباب التي ذكرناها مما ليس من شأن الاعتكاف كذلك أيضا .

                  1096 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن ابن شهاب ، عن عمرة ابنة عبد الرحمن ، " أن عائشة كانت إذا اعتكفت لا تسأل عن المريض إلا وهي تمشي لا تقف " .

                  ففي هذا الحديث سؤالها وهي معتكفة عن المريض .

                  وأجمعوا على أن الجماع حرام في الاعتكاف لقول الله عز وجل : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) ، فأجمعوا على أن المعتكف إذا جامع امرأته نهارا أو ليلا ذاكرا لاعتكافه أو ناسيا له أنه يخرج بذلك من اعتكافه ، لأنه فعل في الاعتكاف ما يمنعه منه الاعتكاف .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية