الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقد اختلف أهل العلم في حكم بني المطلب هل هم في حرمة الصدقة كحكم بني هاشم في حرمتها عليهم أم لا ؟ فكان أبو يوسف ومحمد يذهبان إلى أن بني المطلب غير داخلين في تحريم الصدقة ، ويذهبان إلى أنهم كغيرهم من سائر بطون قريش سوى بني هاشم في حل الصدقة لهم .

                  وكان الشافعي يذهب إلى تحريم الصدقة عليهم ويجعلهم في ذلك كبني هاشم ، وكان مما يحتج به في ذلك ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قسم بينهم ذوي القربى ، فأدخل فيه بني المطلب مع بني هاشم ، وجعلهم فيه كهم ، ولم يدخل معهم فيه سواهم من سائر بطون قريش ، فمما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما :

                  798 - حدثنا علي بن شيبة ، ومحمد بن بحر بن مطر البغداديان ، قالا : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن جبير بن مطعم ، قال : لما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم ذوي القربى ، أعطى بني هاشم وبني المطلب ، ولم يعط بني أميه ، ولا بني نوفل شيئا ، فأتيت أنا وعثمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلنا : يا رسول الله ، هؤلاء بنو هاشم فضلهم الله - عز وجل - بك ، فما بالنا وبنو المطلب ، وإنما نحن وهم في النسب شيء واحد ؟ فقال : " إن بني المطلب لم يفارقوني في جاهلية ولا في إسلام " .

                  قال : أفلا ترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جعلهم في سهم ذوي القربى كبني هاشم ، لا كمن سواهم من سائر بطون قريش .

                  فكان من حجة الآخرين عليهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعط بني المطلب من سهم ذوي القربى ، لأنهم قرابة له كقرابة بني هاشم ، ولكنه إنما أعطاهم للعلة التي اعتل بها على عثمان بن عفان ، وعلى جبير بن مطعم .

                  وفي تركه - صلى الله عليه وسلم - التكثير عليهما في قولهما له : هؤلاء بنو هاشم فضلهم الله بك ، فما بالنا وبنو المطلب ، وإنما نحن وهم في النسب شيء واحد ، دليل على أنه لم يعط بني المطلب من جهة النسب ، إذ كان قد حرم من هو في النسب كهم ، ولكنه أعطاهم للجهة الأخرى .

                  وقد رأينا من سوى بني المطلب ممن قد ولده هاشم ممن كان مفارقا لرسول الله في الجاهلية والإسلام وهو أبو لهب ، وما ولد في زمان النبي صلى الله [ ص: 382 ] عليه وسلم ، قد دخل مسلمو ولده في حرمة الصدقة ، لأنهم من بني هاشم ، وليسوا ممن كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية والإسلام . فدل ذلك على أن تحريم الصدقة لم يدخل فيه من كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية من غير بني هاشم ، وأنه إنما هو على بني هاشم خاصة ممن كان معه في الجاهلية أو لم يكن ، ولما كان بنو أبي لهب يدخلون منه في النسب من هاشم ، كان كذلك بنو المطلب يخرجون منه بخروجهم من النسب من هاشم .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية