الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  فأما اعتكاف النساء فإن أهل العلم يختلفون في المواطن التي يعتكف فيها .

                  فطائفة منهم تقول : هن كالرجال ، ويعتكفن حيث يعتكف الرجال من المساجد ، وممن قال ذلك مالك وطائفة منهم تقول : يعتكفن في بيوتهن ، وليس لهن أن يعتكفن في المساجد ، وممن قال ذلك أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، حدثنا سليمان ، عن أبيه ، عن محمد ، عن أبي حنيفة ، وأبي يوسف .

                  قال محمد : وهو قولنا .

                  ولما اختلفوا في ذلك ، ولم نجد الله عز وجل بين لنا في كتابه من ذلك شيئا ، نظرنا هل بينه لنا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، فوجدنا أبا أمية :

                  1044 - قد حدثنا ، قال : حدثنا يعلى بن عبيد الطنافسي ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح ، ثم دخل المكان الذي يريد أن يعتكف فيه ، فأراد أن يعتكف في العشر الأواخر ، فأمر فضرب له خباء ، وأمرت عائشة فضرب لها خباء ، وأمرت حفصة فضرب لها خباء ، فلما رأت زينب خباءيهما أمرت بخباء فضرب لها ، فلما راح النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " آلبر تردن ؟ ولم يعتكف في رمضان ، واعتكف عشرا من شوال " . [ ص: 464 ] .

                  1045 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ابنة عبد الرحمن ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يعتكف دخل في المكان الذي أراد أن يعتكف فيه فرأى أخبية ، خباء عائشة ، وخباء حفصة ، وخباء زينب ، فلما رآهم سأل عنهم ، فقيل : له : هذا خباء عائشة ، وحفصة ، وزينب ، فقال : " آلبر تقولون بهن ؟ ثم انصرف حتى اعتكف عشرا من شوال " .

                  1046 - وحدثنا الربيع ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : سمعت مالكا يحدث ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله وقد يجوز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك الاعتكاف لإنكاره عليهن طلب الاعتكاف ، حيث لا يكون لهن الاعتكاف فيه ، ويجوز أن يكون ترك الاعتكاف لغير ذلك .

                  1047 - حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : حدثني عمرو بن الحارث ، عن يحيى بن سعيد ، أن عمرة حدثته ، عن عائشة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد الاعتكاف ، فاستأذنته عائشة لتعتكف معه ، فأذن لها ، فضربت خباءها ، فسألتها حفصة أن تستأذنه لها لتعتكف معه ، فأذن لها ، فضربت خباءها ، فلما رأته زينب ضربت معهن ، وكانت امرأة غيورا ، فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبيتهن ، فقال : " ما هذا ؟ ، آلبر يردن ؟ " فترك الاعتكاف حتى أفطر من رمضان ، ثم إنه اعتكف في عشر من شوال " .

                  فوقفنا بهذا الحديث على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما كان تركه للاعتكاف لما رأى ما كان من زينب ، لا لأن المساجد لم يكن لهن أن يعتكفن فيها ، غير أنه يجوز أن يكون أطلق لعائشة ولحفصة الاعتكاف في المساجد لأنهما كانتا معه ، وقد يطلق للمرأة من الأماكن مع زوجها ما لا يطلق لها دونه .

                  ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد منع النساء من السفر إلى الأماكن التي منعن من السفر إليها ، إلا مع أزواجهن ، أو مع من سواهن من ذوي أرحامهن المحرمين عليهن .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية