الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وأما الذي روينا من قول ابن عمر : أن عمر - رضي الله عنه - لم يكن يعشر المسلمين ، فإنما أراد بذلك العشر الذي رفع عن هذه الأمة ، وجعل على اليهود والنصارى على ما في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي رويناه في هذا الباب ، فأما زكاة الأموال فلا ، والدليل على ذلك .

                  816 - أن عبد الملك بن مروان حدثنا ، قال : حدثنا معاذ بن معاذ العنبري ، عن ابن عون ، عن أنس بن سيرين ، قال : أرسل إلي أنس بن مالك ، فأبطأت عنه ، ثم أرسل إلي فأتيته ، فقال : إن كنت لأرى أني لو أمرتك أن تعض على حجر كذا وكذا ابتغاء مرضاتي أخبرت لك خير عملي فكرهته ، أو أكتب لك سنة عمر .

                  قال : قلت : اكتب لي سنة عمر ، قال : فكتب ، " من المسلمين من كل أربعين درهما درهما ، ومن أهل الذمة من عشرين درهما درهما " ، وممن لا ذمة له من كل عشرة دراهم درهما .

                  قال : قلت : من لا ذمة له ؟ قال : الروم كانوا يقدمون من الشام أفلا ترى أن عمر قد كان من سنته أخذ زكوات المسلمين من ورقهم على ما في حديث أنس هذا .

                  فدل ذلك أن العشر الذي لم يكن يأخذه على ما في حديث عبد الله بن عمر أنه ما كان في الجاهلية يؤخذ في الإسلام من المسلمين من الزكوات التي يزكون ويطهرون بها .

                  وهذا الذي حكاه أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب ، وقد كان من عمر بحضرة سائر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواه ، فلم ينكروه عليه ، ولم يخالفوه فيه . فدل ذلك على متابعتهم إياه عليه ، وفيهم الذي سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " لا عشور على المسلمين " .

                  وكيف يجوز لقائل أن يقول : ليس إلى والي الأمة قبض الزكوات من الذهب والورق وقد قال الله - عز وجل - لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) ، فأمره بأخذه إياها منهم ، ولم يأمره أن يأمرهم أن يضعوها في أهلها [ ص: 390 ] .

                  وقال - عز وجل - : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها ) وهم السعاة الذين يكون أخذها من الناس ، ورفعها إلى الأئمة حتى يضعوها حيث أمر الله - عز وجل - بوضعها فيه وكيف يجوز لقائل أن يفرق بين زكاة المواشي وزكاة الثمار ، وبين زكوات الذهب والورق ، فيجعل للأئمة أن يتولوا قبض زكوات الثمار والمواشي ، ويمنعهم من قبض زكاة الذهب والورق بغير حجة بها الفرق بين هذين المعنيين والله الموفق .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية