الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وأما الحامل والمرضع فلا معنى لإطعامهما عن أنفسهما ما كانتا ترجى لهما الطاقة على الصيام في المستأنف ، وهما كمن قال الله - عز وجل - : ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) وقد ذكرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجمع بينهما وبين المسافر فيما وضعه الله - عز وجل - بالسفر من الصيام كما :

                  929 - حدثنا نصر بن مرزوق ، ويحيى بن عثمان ، قالا : حدثنا نعيم ، قال : حدثنا ابن [ ص: 426 ] المبارك ، قال : أخبرنا خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن رجل ، قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاجة ، فإذا هو يتغدى ، فقال : " هلم إلى الغداء " ، فقلت : إني صائم ، فقال : " هلم أخبرك عن الصوم ، إن الله - عز وجل - وضع عن المسافر نصف الصلاة والصوم ، ورخص للحبلى والمرضع " .

                  930 - حدثنا نصر ، ويحيى ، قالا : حدثنا نعيم ، قال : حدثنا ابن المبارك ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن أيوب ، قال : حدثني أبو قلابة ، عن شيخ من بني قشير ، عن عمه حديثا ، ثم لقيناه يوما ، فقال له أبو قلابة : حدثه يعني : أيوب ، فقال الشيخ : حدثني عمي ، أنه ذهب في إبل له ، فانتهى إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يأكل ، أو يطعم ، فقال : " ادن فكل ، أو ادن فاطعم " ، قال : إني صائم ، قال : " ادن فلأخبرك أو لأحدثك : إن الله - عز وجل - وضع عن المسافر شطر الصلاة والصيام ، وعن الحامل أو المرضع " .

                  931 - حدثنا نصر ، ويحيى ، قالا : حدثنا نعيم ، قال : حدثنا ابن المبارك ، قال : أخبرنا محمد بن مسلم ، عن عبد الله بن سوادة ، عن أنس ، من بني عبد الله بن كعب بن مالك ، قال : أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي : " ادن فأصب من طعامنا " ، فقلت : إني صائم ، فقال : " بل أحدثك عن الصلاة ، والصوم ، أو والصيام : إن الله - عز وجل - وضع عن المسافر نصف الصلاة أو قال : شطر الصلاة ، ووضع الصوم أو الصيام عن المسافر ، وعن الحبلى ، أو المرضع " .

                  والله لقد قالهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميعا ، أو أحدهما ، فيا لهف نفسي ألا أكون طعمت من طعام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .


                  أفلا ترى أنهما موضوع عنهما الصيام ، كما هو موضوع عن المسافر ، وكان المسافر موضوعا عنه الصيام في عين الشهر إلى بدل منه ، وهو الصيام في غير الشهر ، لا إلى بدل منه سوى الصيام ما كان قادرا على الصيام ، وكذلك الحبلى والمرضع المقرونتان معه في الحديث ، وضع عنهما الصوم في عين الشهر إلى بدل منه ، وهو الصوم في غير الشهر ، قضاء عن الشهر ، لا إلى بدل من الصوم سواه .

                  هذا هو القياس عندنا في هذا الباب والله أعلم [ ص: 427 ] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية