الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  تأويل قوله تعالى : ( قد أفلح من تزكى )

                  قال الله - عز وجل - : ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) فذهب قوم من أهل العلم إلى أن المراد بذلك هو زكاة الفطر وصلاة الفطر . ورووا ذلك عن أبي العالية الرياحي :

                  472 - حدثنا أبو بكرة ، قال : حدثنا أبو عمر الضرير ، قال : أخبرنا حماد بن سلمة ، أن شيخا من بني سعد أخبرهم ، عن أبي العالية ، في قوله - عز وجل - : " ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) ، قال : " يبعث بصدقة الفطر ، ثم يخرج إلى الصلاة " .

                  وخالفهم في ذلك آخرون ، فذهبوا إلى أن التزكي المراد به في هذه الآية هو الإيمان كما قال جل وعز في الآية الأخرى : ( قد أفلح من زكاها ) يعني : النفس . ورووا ذلك عن أبي مالك الغفاري ، وعطاء بن أبي رباح .

                  473 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني ، قال : حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن السدي ، عن أبي مالك ، في قوله : " ( قد أفلح من تزكى ) ، قال : " آمن " .

                  474 - وحدثنا فهد ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ، قال : أخبرنا شريك بن عبد الله ، عن واصل بن السائب ، عن عطاء مثله .

                  وكان هذا التأويل الثاني أشبه بالآية ، وأولى بها من التأويل الأول ، لأن ذلك لو كان [ ص: 243 ] على صلاة العيد ، وعلى زكاة الفطر لما كانتا سنة ، ولكانتا فريضتين أو مندوبا إليهما بالكتاب ، ولا يقال لما جاء به الكتاب من فريضة أو ندبة إلى الخير : سنة ، إنما يقال ذلك لما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو لما فعله .

                  فلما وجدناهم لا يختلفون في صدقة الفطر ، وفي صلاة الفطر أنهما سنة كان ما أجمعوا عليه من ذلك ينفي أن يكون المراد بالآية صدقة الفطر أو صلاة العيد ، والله أعلم .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية