الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  تأويل قول الله تعالى : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) الآية

                  قال الله جل ثناؤه : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) ولم يبين لنا - عز وجل - في هذه الآية ما ذلك الطهور الذي أمرنا به ؟ وبينه لنا في آية أخرى وهي قوله - عز وجل - : ( ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا ) وبين لنا أيضا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، وفي أفعاله كيفية ذلك الغسل .

                  50 - حدثنا أبو بكرة ، قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن سليمان بن صرد ، عن جبير بن مطعم ، قال : ذكروا الغسل من الجنابة عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " أما أنا فآخذ بيدي ثلاثا فأفرغه على رأسي من الجنابة " .

                  51 - حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا أسد ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن سليمان بن صرد الخزاعي ، عن جبير بن مطعم ، قال : تذاكرنا غسل الجنابة عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال رجل منا : كيف نفعل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما أنا فآخذ ملء كفي فأصب على رأسي ، ثم أفيض بعد على سائر جسدي " .

                  وكان هذا المروي في السنة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما المروي فيها من أفعاله فيما روي فيه عن عائشة ، وميمونة زوجتيه .

                  52 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا ، أخبره ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ، ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ، ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ، ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه ، ثم يفيض الماء على جلده كل " . [ ص: 88 ] .

                  53 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج الأنماطي ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " كان يتوضأ من الجنابة ، ثم يدخل يده اليمنى في الماء ، ثم يخلل بها شق رأسه الأيمن ويتبع بها أصول الشعر ، ثم يفعل بشق رأسه الأيسر بيده اليسرى كذلك حتى يستبرئ البشرة ، ثم يصب على رأسه الماء " فزاد هذا الحديث على حديث مالك التبدية بالشق الأيمن من الرأس على الشق الأيسر في الوضوء للجنابة .

                  54 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثلاثا ، ثم يأخذ بيمينه فيصب على يساره ، فيغسل فرجه حتى ينقيه ، ثم يغسل يديه غسلا حسنا ، ثم يمضمض ثلاثا ويستنشق ثلاثا ، ويغسل وجهه ثلاثا ، ويغسل ذراعيه ثلاثا ، ثم يصب على رأسه ثلاثا ، ثم يغسل جسده غسلا ، فإذا خرج من مغتسله غسل رجليه " .

                  ففي هذا الحديث زيادة على الحديث تفريق الوضوء .

                  55 - حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا أسد ، قال : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن كريب ، قال : حدثنا ابن عباس ، عن خالته ميمونة ، قالت : " وضعت للنبي - صلى الله عليه وسلم - غسلا فاغتسل من الجنابة ، فأكفأ الإناء بشماله على يمينه فغسل كفيه ، ثم أفاض على فرجه فغسله ، ثم قال بيده على الأرض أو الحائط ، ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه ، وذراعيه ثلاثا ثلاثا ، ثم أفاض على رأسه الماء ثلاثا ، ثم أفاض على سائر جسده ، ثم تنحى فغسل رجليه ، قالت : فأتيته بثوب ، فقال بيده هكذا ينفض الماء ، نفض الماء ورد الثوب " .

                  ففي هذا الحديث ، وفي حديث أبي سلمة ، عن عائشة اكتفاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصب الماء على رأسه من مسح رأسه ، إذ كانت الإفاضة على الرأس يريد على [ ص: 89 ] مسحه . فدل ذلك على أن سائر الأعضاء المأمور بغسلها في الجنابة ، وفي الوضوء كذلك أيضا ، وأنه إذا أوصل الماء إليها فقد سقط بذلك الفرض عنها .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية