الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  قال محمد رحمه الله : وكذلك الزعفران يعتبر بما دون الأمناء ، ثم يتناهى به إلى الأمناء ، ثم يبنى بها ، فيقال : منوان من زعفران ، وكذا وكذا منا من زعفران ، فكما كان لا صدقة في الحنطة حتى تكون خمسة أوساق ، فكذلك لا صدقة في الزعفران حتى يكون خمسة أمناء ، وقد حدثنا سليمان ، عن أبيه أن محمدا أملى عليه هذه الأقوال كلها في هذه الأصناف .

                  فإن قال قائل : قد روي عن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - ، أنه : لا صدقة في العسل وذكر ما :

                  711 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا القعنبي ، قال : حدثنا مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، أن عمر بن عبد العزيز ، قال : " ليس على الخيل والعسل صدقة " . [ ص: 344 ]

                  قيل له : قد كان عمر بن عبد العزيز يقول هذا حتى وقف على ما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أخذ الصدقة من العسل ، فأخذها .


                  712 - كما حدثنا يحيى ، قال : حدثنا نعيم ، قال : حدثنا ابن المبارك ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرني صالح بن دينار ، أن عمر كتب إلى عروة بن محمد ينهاه أن يأخذ من العسل صدقة ، إلا أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذها ، فجمع عروة أهل العسل ، فشهدوا أن هلال بن سعد جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعسل ، فقال : " ما هذا ؟ " فقال : هذه هدية " فأكل النبي - صلى الله عليه وسلم - " ، ثم جاءه مرة أخرى بعسل ، فقال : " ما هذا ؟ " فقال : صدقة " فأخذها فأمره برفعها " ، ولم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك عشرا ، ولا شيئا إلا أنه أخذها وكتب بذلك عروة إلى عمر بن عبد العزيز وكتب عمر : فأنتم أعلم فخذوها ، وكنا نأخذ ما أعطونا من شيء ، ولا نسأل عشورا ، ما أعطونا أخذنا .

                  قال : وكتب إلى إبراهيم بن ميسرة ، فقال : ذكر لي من لا أتهم من أهلي أن قد تذاكر هو وعروة بن محمد السعدي ، بالشام ، فزعم عروة أنه كتب إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن صدقة العسل ، فزعم عروة أنه قد كتب إليه : إنا قد وجدنا بيان صدقة العسل بالطائف فخذوا العشور منها .

                  فهذا عمر قد كان يذهب ندبا إلى أن لا صدقة في العسل ، وكذلك القياس أنه لا صدقة في الطير ، ولا فيما يكون منها ، فحمل الأمر في ذلك قبل أن يقف على ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن عمر على ما يوجبه الاستنباط في ذلك ، ثم اتصل به ما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هدية هلال بن سعد الثانية ، فصار إلى ذلك وترك ما كان أمر به استنباطا ، ثم وقف على ما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث إبراهيم بن ميسرة من إيجاب العشر فيه ، فصار إلى ذلك ، وهكذا يجب في سائر الحوادث على ولاة المسلمين ودفين أمورهم .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية