الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  تأويل قول الله - عز وجل - : ( فإذا تطهرن ) الآية

                  قال الله - عز وجل - : ( فإذا تطهرن ) فلم يبين لنا ذلك الطهر ولا كيفيته ، وأما التطهير فكما في الحديث الذي قد رويناه في الباب الذي قبل هذا الباب عن مجاهد ، ولا نعلم في ذلك اختلافا ، وأما كيفيته فمبين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                  174 - حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا أسد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن إبراهيم بن المهاجر ، عن صدقة بنت شيبة ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : دخلت أسماء بنت سكن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، كيف تغسل إحدانا إذا طهرت من المحيض ؟ قال : " تأخذ سدرها وماءها فتوضأ وتغسل رأسها وتدلكه حتى يبلغ الماء شؤون شعرها ، ثم تفيض على جسدها ، ثم تأخذ من صبها أو فرصتها فتطهر بها " فقالت : يا رسول الله ، كيف أتطهر بها ؟ ، فقال : " تطهري بها " قالت عائشة : فعرفت الذي يكني عنه ، فقلت لها : تتبعي بها آثار الدم .

                  وهذا إذا كان الماء موجودا ، فأما إذا كان الماء معدوما فإن الله - عز وجل - قد بين لنا في الجنب في حال وجود الماء ما قد بينه لنا في كتابه ، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - في سننه مما ذكرناه في تأويل قول الله - عز وجل - : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) ، وكان قد أوجب على الحائض عند طهرها من حيضها التطهر بقوله : ( فإذا تطهرن ) كما أوجب على الجنب التطهر بقوله : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) ، وبين ذلك الطهر في الآية الأخرى بقوله - عز وجل - : ( ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا ) ، وبينت السنة أن [ ص: 129 ] الجنب يتيمم عند عدم الماء ، فلما كانت الحائض بعد انقطاع الدم عنها في وجوب الغسل عليها في حال وجود الماء كالجنب كانت كهو في حال عدم الماء ، وكما كان الصعيد خلفا له في الطهارة بالماء ، كان لذلك الصعيد خلفا لها في الطهارة بالماء ، وهذا قول مالك ، وأبي حنيفة ، وسفيان ، وزفر ، وأبي يوسف ، ومحمد ، والشافعي ، وأكثر أهل العلم .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية