الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  تأويل قوله تعالى : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )

                  قال الله - عز وجل - : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) ، وقال في موضع آخر : ( واتقوه وأقيموا الصلاة ) ، وقال : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) .

                  فذكر ذلك جل ثناؤه في غير موضع من كتابه ، ولم يبين لنا كيفية الصلاة ، ولا وقتها ، ولا عددها ، ثم بينه لنا - عز وجل - على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، فبين لنا عدد الصلوات التي افترضها على عباده في كل يوم وليلة .

                  273 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا يونس ، عن ابن شهاب ، قال : قال ابن حزم ، وأنس بن مالك ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث المعراج : " ففرض الله - عز وجل - على أمتي خمسين ، صلاة فرجعت حتى آتي موسى ، فقال عليه السلام : ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت : فرض عليهم خمسين صلاة فقال لي موسى : فراجع ربك - عز وجل - ، فإن أمتك لا تطيق ذلك .

                  قال : فراجعت ربي ، فوضع شطرها ، قال : فرجعت إلى موسى صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته ، فقال : راجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك .

                  قال : فراجعت ربي - عز وجل - فقال : هي خمس ، وهي خمسون لا يبدل القول لدي [ ص: 167 ] .

                  قال : فرجعت إلى موسى ، فقال : ارجع إلى ربك فقلت : قد استحييت من ربي عز وجل " .


                  274 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا أحمد بن خالد الوهبي ، قال : حدثنا شيبان ، عن قتادة ، عن أنس عن مالك بن صعصعة ، وكان من الأنصار ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث المعراج : " فرضت علي الصلاة ، ففرض علي في كل يوم وليلة خمسون صلاة ، فأتيت على موسى فأخبرته ، فقال : إني جربت الناس قبلك وإني قد عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، وإن أمتك لا تطيق هذا ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك .

                  قال : فرجعت إلى ربي ، فحط عني خمسا ، ثم أتيت على موسى ، فأخبرته ، فقال : إني قد جربت الناس قبلك ، وإني قد عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، وإن أمتك لا تطيق هذا ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك ، فما زلت أختلف بين ربي وبين موسى حتى صيرت خمس صلوات ثم أتيت على موسى فأخبرته ، فقال : قد جربت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، وإن أمتك لن تطيق هذا ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال : قلت : لقد هممت إلى ربي حتى لقد استحييت بل رضيت وسلمت .

                  قال : فنوديت أن قد أمضيت فريضتي ، وخففت على عبادي وأعطيتهم بكل حسنة عشر أمثالها " .


                  275 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله .

                  276 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن عمه أبي سهيل بن مالك ، عن أبيه ، أنه سمع طلحة بن عبيد الله ، يقول : جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل نجد ، ثائر الرأس ، يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنا ، فإذا هو يسأل عن الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خمس صلوات في اليوم والليلة " فقال : هل علي غيرها ؟ قال : " لا ، إلا أن تطوع " . [ ص: 168 ] وفي هذا الحديث غير هذا مما سنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى .

                  277 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن ابن محيريز ، أن رجلا من بني كنانة يدعى المخدجي سمع رجلا بالشام يدعى أبا محمد ، يقول : أن الوتر واجب .

                  قال المخدجي : فرجعت إلى عبادة بن الصامت فاعترضت له فأخبرته بالذي قال أبو محمد ، فقال عبادة : كذب أبو محمد ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " خمس صلوات كتبهن الله - عز وجل - على العباد ، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله - عز وجل - عهد أن يدخله الجنة ، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله - عز وجل - عهد إن شاء عذبه ، وإن شاء أدخله الجنة " .


                  ففي هذه الآثار تبيين عدد الصلوات اللاتي افترض الله - عز وجل - على عباده كل يوم وليلة .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية