الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقد اختلف أهل العلم في الفقراء من بني هاشم ، هل يدخلون في الفقراء المذكورين في هذه الآية ، أو في المساكين ، أو فيمن سواهم من أهل الأصناف المذكورين فيها ؟ وقالت طائفة منهم : يدخلون فيها ، وجعلوهم كمن سواهم من فقراء المسلمين . وقد روي هذا عن أبي حنيفة وليس بالمشهور عنه .

                  وقالت طائفة منهم : لا يدخل في ذلك بنو هاشم وإن كانوا فقراء ، وممن قال ذلك منهم أبو يوسف ، ومحمد .

                  حدثنا سليمان ، عن أبيه ، عن أبي يوسف ، وعن محمد ، وعن أبيه ، عن محمد ، عن أبي حنيفة بهذا القول وكان من حجة من ذهب إلى إباحة الصدقة ، وإلى إدخالهم في هذه الآية كمن سواهم من الناس ما :

                  784 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، قال : حدثنا شريك ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قدمت عير المدينة ، فاشترى منها النبي - صلى الله عليه وسلم - متاعا فباعه بربح أواق فضة ، فتصدق بها على أرامل بني عبد المطلب ، ثم قال : " لا أعود أن أشتري بعدها شيئا وليس ثمنه عندي " .

                  وكان من الحجة عليهم للآخرين أن هذا الحديث إنما هو عن ابن عباس ، والمشهور عنه في ذلك التحريم للصدقات على بني هاشم .

                  785 - حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا أسد ، قال : حدثنا حماد ، وسعيد ابنا زيد ، عن أبي جهضم موسى بن سلمة ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس ، قال : دخلنا على ابن عباس ، فقال : " ما خصنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء دون الناس إلا بثلاثة : إسباغ الوضوء ، وأن لا نأكل الصدقة ، وأن لا ننزي الحمر على الخيل " .

                  786 - حدثنا أحمد بن داود ، قال : حدثنا سليمان ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أبي جهضم ، فذكر بإسناده مثله [ ص: 377 ] .

                  فهذا ابن عباس قد أخبر في هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختصهم ألا يأكلوا الصدقة ، وجعلهم في ذلك خلاف غيرهم من سائر الناس ، وكان هذا الحديث أولى من حديث عكرمة الذي رويناه في هذا الباب عن ابن عباس لأنه أخبر فيه بحكمهم الذي هم عليه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد يجوز أن يكونوا كانوا من قبل ذلك على إباحة الصدقات لهم حتى حظرها الله - عز وجل - عليهم ، ومنعهم منها ، وجعلهم في ذلك في المرتبة العليا بتحريمه إياها عليهم .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية