واختلفوا في الرجل الذي يكون ماله دينا ، فيحول عليه الحول وهو كذلك ، ثم يقبض بعضه ؟   . 
فقال قائلون من أهل العلم : لا زكاة عليه فيما قبض منه حتى يكون الذي يأخذه منه أربعين درهما ، فإذا أخذ منه أربعين درهما زكى عنها بربع عشرها ، وكلما أخذ منه أربعين درهما زكى عنها كذلك أيضا حتى يستوفي الدين كله ، ولا يزكي إلا من كل أربعين يقبضها ، وممن قال ذلك منهم :  أبو حنيفة   . 
حدثنا سليمان بن شعيب ،  عن أبيه ، عن  أبي يوسف ،  عن  أبي حنيفة  بذلك . 
وقال قائلون منهم : لا زكاة عليه فيما قبضه منه حتى يكون الذي يأخذه مائتي درهم ، فإذا أخذ مائتي درهم زكى عنها ، ثم ما قبض منه بعد ذلك مما قل أو كثر زكى عنه بحساب ذلك ، وممن قال ذلك منهم :  سفيان الثوري .  
حدثنا  يحيى بن عثمان ،  قال : حدثنا نعيم ،  قال : أخبرنا  ابن المبارك ،  عن سفيان  بهذا القول . 
قال : ثم رجع سفيان  عن هذا القول وقال : ما أخذ من شيء زكاه ، وهذا القول الثاني من قولي سفيان  هذين قول  أبي يوسف ،  ومحمد .  
حدثنا سليمان ،  عن أبيه ، عن  أبي يوسف  ومحمد  بهذا القول . 
حدثنا سليمان ،  عن أبيه ، عن  أبي يوسف ،  قال : قلت  لأبي حنيفة :  لم قلت فيما قبض من الدين الذي قد حال عليه الحول ، إنه لا زكاة فيه حتى يكون المقبوض منه أربعين درهما ؟ قال : جعلت ذلك كالزائد على المائتي درهم من الدراهم يحول عليها الحول معها ، وتجب فيه الزكاة ، ثم يصنع له إلا درهم واحد أو أكثر منه ، ففي الباقي منه الزكاة على حسب ما كان وجب فيه بحلول الحول عليه  [ ص: 276 ]  . 
قال : فأمسك  أبو حنيفة ،  فلم يقل شيئا ، فكان سكوت  أبي حنيفة  هذا عن الاحتجاج على  أبي يوسف  فيما احتج به عليه من هذا ، دليلا عندنا على قبوله ذلك منه ، وعلى لزوم الحجة إياه . 
وقد حدثنا يونس ،  قال أخبرنا  ابن وهب ،  عن  مالك  في الرجل الذي يكون له على الرجل الدين فيحول عليه الحول وهو كذلك لم يقبض بعضه . 
قال : لا زكاة عليه فيه حتى يقبضه كله . 
ومعناه في هذا عندنا كمعنى قول  سفيان الثوري  الأول من قوليه اللذين حكيناهما عنه . 
وقد روينا فيما تقدم منا في هذا الكتاب حديث جابر الحذاء ،  قال : قلت  لابن عمر :  أعلى العبد زكاة ؟ فقال : مسلم ؟ قلت : نعم ، قال : كل مسلم عليه في كل مائتين خمسة دراهم ، فما زاد فبالحساب . 
ففي هذا عن  ابن عمر  ما يوجب ملك العبد كمال الذي يكون في يده وأنه فيما يوجب عليه في ذلك من الزكاة كالحق فيما يجب عليه من الزكاة في ماله . وقد روي عن  ابن عمر  خلاف ذلك . 
 545  - حدثنا  يحيى بن عثمان ،  قال : حدثنا نعيم ،  قال : حدثنا  ابن المبارك ،  قال : حدثنا  عبيد الله بن عمر ،  عن  نافع ،  عن  ابن عمر -  رضي الله عنه - ، قال : " ليس في مال العبد زكاة   " . 
وقد روي مثل ذلك أيضا عن  عمر بن الخطاب .  
 546  - حدثنا يحيى ،  قال : حدثنا نعيم ،  قال : حدثنا  ابن المبارك ،  قال : أخبرنا  شعبة ،  عن الحكم ،  عن  عبد الله بن نافع ،  عن أبيه ، أنه سأل  عمر بن الخطاب ،  وكان مملوكا لبني هاشم ،  فقال : " إن لي مالا أفأزكيه ؟ فقال : لا " .  
 547  - حدثنا  أبو بكرة ،  قال : حدثنا حماد ،  عن  الحجاج بن أرطاة ،  قال : ذهبت أنا  [ ص: 277 ] والحكم بن عيينة  إلى زياد بن النضر ،  فحدثنا عند  عبد الله بن نافع  أن أباه سأل  عمر بن الخطاب ،  فقال : " إني رجل مملوك ، فهل في مالي زكاة ؟  فقال  عمر -  رضي الله عنه - : إنما زكاتك على سيدك ، أن يؤدي عنك عند كل فطر صاع شعير ، أو صاع تمر ، أو نصف صاع بر " . 
وكان ما رويناه عن  ابن عمر  في نفي الزكاة عن مال العبد أولى مما رويناه عنه في إيجابها فيه ؛ لأن العبد وما في يده فإنما هو مال لمولاه ، فحكمها في ذلك حكم سائرها لمولاه فيما يجب عليه فيه في ماله ، وفيما يسقط عنه فيه ، إلا أن تكون في العبد علة تحول بين المولى وبين ما في يد عبده من الأموال التي اكتسبها ، مثل أن يكون قد أذن له في التجارة ، فوجه عليه دين يمنع بذلك مولاه مما في يده من المال الذي اكتسب ، فلذلك قد زال به عنه حكم مولاه ، ولم تجب على العبد فيه الزكاة إذ ملكه ليس بملك تام فيكون فيه كالأحرار فيما يملكون . 
ألا ترى أنه لا يجوز له عتاق ما في يده من العبيد ، ولا الصدقة ، ولا الهبة مما في يده من الأموال ، وذلك كله جائز من الأحرار في أموالهم . 
				
						
						
