وفرقة منهم تقول : ما زاد على العشرين والمائة استؤنفت به الفريضة ، فجعل في خمس وعشرين ومائة حقتان وشاة إلى ثلاثين ومائة ، فإذا كانت كذلك ففيها حقتان وشاتان إلى خمس وثلاثين ومائة ، فإذا كانت كذلك ففيها حقتان وثلاث شياه إلى أربعين ومائة ، فإذا كانت كذلك ففيها حقتان وأربع شياه إلى خمس وأربعين ومائة ، فإذا كانت كذلك ففيها حقتان وابنة مخاض إلى خمسين ومائة ، فإذا كانت كذلك ففيها ثلاث حقاق ، ثم كذلك ما زاد على الخمسين والمائة تستقبل فيها الفريضة كهي في بدء زكوات الإبل حتى تنتهي الزيادة إلى مائتين ، فإذا كانت كذلك ففيها أربع حقاق كما كان فيها لما كانت مائة وستا وتسعين ، ثم كذلك يمتثلون في كل خمسين زائدة على ما قبلها من الإبل الزائدة على عشرين ومائة وممن قال بهذا القول  أبو حنيفة ،   وزفر ،   وأبو يوسف ،  ومحمد ،  فيما حدثناه سليمان بن شعيب ،  عن أبيه ، عن محمد ،  عن  أبي حنيفة ،   وأبي يوسف  من قولهما ، وعن أبيه ، عن محمد  من قوله . 
وقد روى في ذلك ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما : 
 617  - حدثنا سليمان ،  قال : حدثنا الخصيب ،  قال : حدثنا  حماد بن سلمة ،  قال : " قلت لقيس بن سعد :  اكتب لي كتاب  أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ،  فكتبه لي في ورقة ، ثم جاء بها وأخبرني أنه أخذه من  أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ،  وأخبرني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتبه لجده عمرو بن حزم  في ذكر ما يخرج من فرائض الإبل ، فكان في ذلك أنها إذا بلغت تسعين ، ففيها حقتان إلى أن تبلغ عشرين ومائة ، فإذا كانت أكثر من ذلك ففي كل خمسين حقة ، فما فضل فإنه يعاد إلى أول فريضة الإبل ، فما كان أقل من خمس وعشرين ففيه الغنم في كل خمس ذود شاة "   [ ص: 304 ]  . 
 618  - حدثنا بكار ،  قال : حدثنا  أبو عمر ،  قال : حدثنا  حماد بن سلمة ،  ثم ذكر بإسناده مثله . 
وقد روى في ذلك عن علي ،   وعبد الله بن مسعود -  رضي الله عنه - ما ، ما يوافق هذا القول . 
 619  - حدثنا يحيى ،  قال : حدثنا نعيم ،  قال : حدثنا  يحيى بن سعيد ،  عن سفيان  عن  أبي إسحاق ،  عن  عاصم ،  عن علي -  رضي الله عنه - ، قال : " إذا بلغت عشرين ومائة يعني الإبل ، استأنفت الفرائض   " . 
 620  - حدثنا  إسماعيل بن إسحاق الكوفي ،  قال : حدثنا  أبو نعيم ،  قال : حدثني  عبد السلام بن حرب ،  عن خصيف ،  عن  أبي عبيدة ،  وزيادة بن أبي مريم ،  عن  ابن مسعود -  رضي الله عنه - ، أنه قال في فرائض الإبل :   " إذا زادت على تسعين ففيها حقتان إلى عشرين ومائة ، فإذا بلغت العشرين والمائة استقبلت بالغنم ففي كل خمس شاة ، فإذا بلغت خمسا وعشرين ففرائض الإبل ، فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقة " . 
قال أحمد  رحمه الله : وأما القياس في ذلك فإن الأصل المتفق عليه فيما قبل العشرين والمائة أنه لا استئناف فيه ، وإنما يزاد في عدده أو يغلط في أسنانه ، فكان القياس إلى هاهنا أن يكون ما بعد العشرين والمائة كذلك أيضا ، وأن يكون الواجب فيه زائدا في العدد وارتفاع في أسنان غير أنا وجدنا القائلين بالقول الأول الذي حكيناه عن  مالك ،   والشافعي ،  يقولون : إذا زادت على العشرين والمائة واحدة ففيها ثلاث بنات لبون ، وكان ذلك منهم يزكي عندنا لما كانوا عليه قبل الواحد والعشرين والمائة ، وذلك أنا رأيناهم يجعلون في كل خمس شاة ، ثم كذلك حتى تكون عشرا ، فيجعلون فيها شاتين ، ثم كذلك في كل خمس شاة حتى تكون خمسا وعشرين فيجعلون فيها ابنة مخاض ، وكذلك في مراتب فرائض الصدقات في الإبل حتى يلفوا بها عشرين ومائة ، وكان ما زاد على كل فريضة فلا يكون مغيرا للفرض فيما قبله حتى تكون الزيادة فيها فريضة فتكون تلك الفريضة مغيرة للفرض فيما قبلها ، وكانت الواحدة الزائدة على العشرين ومائة لا فرض فيها عند جميعهم . 
أما الذين قالوا بالاستئناف فلم يجعلوا فيها شيئا لتقصيرها عن الخمس التي تجب فيها الشاة عندهم  [ ص: 305 ]  . 
وأما الذين قالوا : في كل أربعين ابنة لبون ، وفي كل خمسين حقة ، فجعلوا فيها كلها ثلاث بنات لبون على أن في كل أربعين منها ابنة لبون ، فكان في ذلك نفي منهم للواحدة الزائدة على العشرين ومائة أن فيها فريضة ، فلما كان ذلك كذلك ووجب بما ذكرنا على أهل هذا القول الخروج من أصولهم ، والترك للمراتب التي رتبت عليها الزكوات في الإبل فيما قبل العشرين ومائة ، وكان الذين قالوا بالاستئناف لما لم يجعلوا في الواحدة شيئا ، لم يغيروا بها حكم ما قبلها ، كانوا يلزمون المراتب التي رتبت عليها الزكوات في هذا الباب أولى ، وكان قولهم في هذا أحسن من قول الذين جعلوا في كل أربعين ابنة لبون ، وفي كل خمسين حقة على ما يجعلها عليه  مالك ،   والشافعي  رحمهما الله . 
والقول الذي ذكرناه في حديث عمرو بن حزم  أولى بالقياس مما قال  مالك ،   والشافعي  ؛ لأن أهل هذه المقالة لما انتهوا إلى العشرين والمائة جعلوا فيما زاد على ذلك في كل أربعين ابنة لبون ، وفي كل خمسين حقة ، فإذا كان العدد يتفق أربعين أربعين ، أو خمسين خمسين ، أو أربعين وخمسين على ذلك ما بلغ ، ولم يغيروا بما دون ذلك حكم ما قبله ، كما فعل من جعل في إحدى وعشرين ومائة ثلاث بنات لبون ، فغير بالواحدة حكم ما قبلها ، ولا حكم له في نفسها . 
وأما ما ذهب إليه  أبو حنيفة  ومن قال بقوله في هذا الباب ، فهو أجود وأولى بالقياس مما ذهب إليه من قال بالقول الأول الذي حكيناه عن  مالك ،   والشافعي   - رضي الله عنه - ما ، بما قد ذكرناه مما يدخل على قائليه ، وأولى من قول من قال بحديث عمرو بن حزم ،  وذلك أنا رأينا ابتداء فرائض الإبل ،  أن في خمس شاة ، ثم ليس يتغير ذلك حتى تكون الزيادة مثل الخمس الأولى فتكون عشرا ، فتجب فيه شاتان ، ثم الزيادة أيضا كالزيادة الأولى في كل خمس شاة إلى أن تبلغ خمسا وعشرين فتكون فيها ابنة مخاض ، فإذا بلغت ذلك لم يتغير حكم ابنة المخاض حتى تكون الزيادة أكثر من الزيادة الأولى ، فتكون الزيادة هاهنا عشرا ، فإذا صارت ستا وثلاثين كانت فيها ابنة لبون ، ثم لم يتغير حكمها ، حتى تكون الزيادة عشرا ، فإذا جاوزت خمسا وأربعين كانت فيها حقة ، ثم لم يتغير حكمها حتى تكون الزيادة خمس عشرة ، ثم كذلك حتى تكون إحدى وتسعين ، فتكون فيها حقتان ، ثم لا يتغير حكمها حتى تكون الزيادة تسع عشرة ، فرأينا كل زيادة بين كل فريضتين من فرائض الإبل ، فالزيادة التي تكون بعدها أو أكثر منها ، ولم نجد فيها شيئا أقل من الزيادة التي قبلها ، فإذا كانت الزيادة مثل الزيادة الأولى أو أكثر منها جمعت إلى ما تقدمتها من الإبل ، كذلك حكمه حكم واحد  [ ص: 306 ]  . 
ورأينا الذين قالوا بحديث عمرو بن حزم  جعلوا في عشرين ومائة حقتين بعد الزيادة التي هي سبع عشرة ، ثم جعلوا في ثلاثين ومائة بنتي لبون وحقة ، فجمعوها مع ما تقدمها قبل أن تكون الزيادة على العشرين والمائة مثل الزيادة التي بين التسعين والعشرين والمائة ، وكان من قال بقول  أبي حنيفة  لم يجمعها إليها حتى تكون خمسين ومائة ، فتكون الزيادة على العشرين ومائة مثل الزيادة على التسعين إلى العشرين والمائة . 
				
						
						
