وقد كان  محمد بن الحسن ،  قال : في كتاب سيره الكبير في رجل أوصى بثلث ماله في سبيل الله :  إن الوصية أن يجعل ذلك في الحاج المنقطع بهم ، ولم يحك خلافا بينه وبين أحد من أصحابه . 
وقد روي عن  أبي يوسف  خلاف هذا القول وهو أن سليمان  حدثنا ، عن أبيه ، عن  أبي يوسف ،  أنه سئل عن ذلك ، فقال : أهل سبيل الله - عز وجل - هم الغزاة ، والذي قال محمد  في هذا أحب إلينا مما قاله  أبو يوسف ،  لموافقته  ابن عمر ،  ولما روي في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
 777  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق ،  قال : حدثنا  وهب بن جرير ،  عن  شعبة ،  عن إبراهيم بن مهاجر ،  عن  أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ،  قال : أرسل مروان  إلى  أم معقل الأشجعية ،  فسألها عن هذا الحديث ، فحدثته أن زوجها جعل ناضحه في سبيل الله ، وأرادت العمرة ، فسألت زوجها الناضح ، فأبى ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن يعطيها ، وقال : " إن الحج والعمرة من سبيل الله - عز وجل - " .  
 778  - حدثنا  ابن أبي داود ،  قال : حدثنا المقدمي ،  قال : حدثنا  عمر بن علي ،  عن  موسى بن عقبة ،  قال : حدثني عيسى بن معقل ،  عن جدته  أم معقل ،  قالت : قدمنا المدينة  فوضع فينا الجدري ، فهلك أبو معقل  وترك بعيرا ، فجعله في سبيل الله - عز وجل - ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " اركبي بعيرك فإن الحج من سبيل الله - عز وجل   - " . 
 779  - حدثنا فهد ،  قال : حدثنا  عمر بن حفص بن غياث ،  قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا  المختار بن فلفل ،  قال : حدثني طلق بن حبيب البصري ،  أن أبا طليق  حدثه ، أن امرأته أم طليق  ابنه ، فقالت له : قد حضر الحج يا أبا طليق ،  وكان له جمل وناقة ، يحج على الناقة ويغزو على  [ ص: 371 ] الجمل ، فسألته أن يعطيها الجمل فتحج عليه ، فقال : ألم تعلمي أني حبسته في سبيل الله - عز وجل - ، فقالت : إن الحج من سبيل الله ، أعطنيه يرحمك الله ، فقال : ما أريد أن أعطيك ، قالت : فأعطني ناقتك وحج أنت على الجمل ، فقال : لا أوثرك بها على نفسي ، فقالت : فأعطني نفقتك ، قال : ما عندي فضل عني وعن عيالي ، ما أخرج به وما أترك لكم ، قالت : لو أعطيتني منه أخلفه الله . 
قال : فلما أتيت عليها ، قالت : فإذا أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقرئه مني السلام وأخبره بالذي قلت لك . 
قال : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقرأته منها السلام ، وأخبرته بالذي قالت أم طليق ،  فقال : " لو أعطيتها الجمل كان في سبيل الله ، ولو أعطيتها ناقتك كانت وكنت في سبيل الله ، ولو أعطيتها من نفقتك أخلفها الله - عز وجل - " . 
قال : وإنها تسألك يا رسول الله ما يعدل الحج ؟ ، قال : " عمرة في رمضان " .  
فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جعل الحج من سبيل الله ،  وأجاز صرف ما جعل الله - عز وجل - في سبيل الله إليه ، فثبت بذلك ما قلنا . 
وأما قوله : ( وابن السبيل   ) فهم الغائبون عن أموالهم الذين لا يصلون إليها لبعد المسافة بينهم وبينها ، حتى تلحقهم الحاجة إلى الصدقة ، فالصدقة لهم حينئذ مباحة ، وهم في حكم الفقراء الذين لا أموال لهم في جميع ما ذكرنا حتى يصلوا إلى أموالهم ، وهذا مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم علمناه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					