وقول أهل العلم جميعا : أن أول الصيام من طلوع الفجر وأن آخره عند غروب الشمس . وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب ما يوافق الآثار الأول . 
 1020  - حدثنا  أبو أمية ،  قال : حدثنا  أبو نعيم ،  والخضر بن محمد بن شجاع ،  قالا :  [ ص: 454 ] حدثنا ملازم بن عمر ،  قال : حدثنا عبد الله بن بدر السحيمي ،  قال : حدثني قيس بن طلق ،  قال : حدثني أبي ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " كلوا واشربوا ولا يهيدنكم الساطع المصعد ، كلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر ، وأشار بيده وأعرضها " .  
وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المعنى ما : 
 1021  - قد حدثنا يزيد بن سارة ،  قال : حدثنا  القعنبي ،  قال : حدثنا  مالك ،  عن  ابن شهاب ،  عن سالم ،  عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بلالا  يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي  ابن أم مكتوم   " .  
 1022  - حدثنا يونس ،  قال : أخبرنا  ابن وهب ،  أن  مالكا  حدثه ، عن  الزهري ،  عن سالم ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله ، ولم يذكر  ابن عمر .  
 1023  - حدثنا  الربيع المرادي ،  قال : حدثنا  ابن وهب ،  قال : حدثني يونس ،  والليث ،  عن  ابن شهاب ،  عن سالم ،  عن  ابن عمر ،  قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول ، ثم ذكر مثله . 
 1024  - حدثنا  يزيد بن سنان ،  قال : حدثنا  أبو داود الطيالسي ،  قال : حدثنا  عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ،  عن  الزهري ،  عن سالم ،  عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله . 
 1025  - حدثنا  ابن أبي داود ،  قال : حدثنا الحكم بن نافع المهراني ،  قال : أخبرنا  شعيب بن أبي حمزة ،  عن  الزهري ،  قال : قال سالم :  سمعت  ابن عمر ،  يقول ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله . 
 1026  - حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور البالسي ،  قال : حدثنا  محمد بن كثير ،  عن  [ ص: 455 ] الأوزاعي ،  عن  الزهري ،  عن سالم ،  عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله . 
 1027  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق ،  قال : حدثنا  وهب بن جرير ،  قال : حدثنا  شعبة ،  عن  عبد الله بن دينار ،  عن  ابن عمر ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله . 
ففي حديث  ابن عمر  هذا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كان منعهم من الأكل والشرب ، اللذين يحرمهما للصيام بنداء  ابن أم مكتوم .   
 1028  - حدثنا  ابن أبي داود ،  قال : حدثنا  مسدد بن مسرهد ،  قال : حدثنا  يحيى بن سعيد ،  عن  عبيد الله بن عمر ،  عن القاسم ،  عن  عائشة ،  قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بلالا  ينادي بليل ، فكلوا واشربوا حتى ينادي  ابن أم مكتوم   " .  
قالت : ولم يكن بينهما إلا مقدار ما يصعد هذا وينزل هذا . 
ففي هذا الحديث قرب أذان  ابن أم مكتوم  من أذان بلال  الذي كان يؤذنه في الليل . 
 1029  - حدثنا  ابن أبي داود ،  قال : حدثنا  عمرو بن عون الواسطي ،  قال : حدثنا هشيم ،  عن  منصور بن زاذان ،  عن حبيب بن عبد الرحمن ،  عن عمته  أنيسة ،  قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن  ابن أم مكتوم  يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا نداء بلال    " . 
 1030  - حدثنا  علي بن معبد ،  قال : حدثنا  روح ،  قال : حدثنا  شعبة ،  قال : سمعت حبيب بن عبد الرحمن  يحدث ، عن عمته  أنيسة ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن بلالا  أو  ابن أم مكتوم  ينادي بليل ، فكلوا واشربوا حتى ينادي بلال  أو  ابن أم مكتوم   " .  
فكان إذا نزل هذا وأراد هذا أن يصعد تعلقوا به وقالوا : كما أنت حتى تتسحر . 
 1031  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق ،  قال : حدثنا وهب ،  قال : حدثنا  شعبة ،  عن حبيب ،  عن عمته  أنيسة ،  وكانت قد حجت مع النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله  [ ص: 456 ]  . 
وزاد : لم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا . 
فهذا كحديث  عائشة  الذي رويناه قبله . وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا المعنى . 
 1032  - حدثنا  عبد الملك بن مروان ،   وعلي بن معبد ،  قالا : حدثنا  شجاع بن الوليد ،  عن  سليمان التيمي ،  عن  أبي عثمان النهدي ،  عن  ابن مسعود ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا يمنعن أحدكم أذان بلال  من سحوره ، فإنه ينادي أو يؤذن ليرجع غائبكم أو لينتبه نائمكم " .  
وقال : " ليس الفجر أو الصبح هكذا وهكذا وجمع أصبعيه وفرقهما " . 
 1033  - حدثنا محمد بن عمرو بن يونس ،  قال : حدثنا  أسباط بن محمد ،  عن  سليمان التيمي ،  فذكر بإسناده مثله . 
 1034  - حدثنا فهد ،  قال : حدثنا  أبو غسان ،  قال : حدثنا  زهير بن معاوية ،  قال : حدثنا سليمان ،  فذكر بإسناده مثله غير أنه قال :  " وليس الفجر أو الصبح هكذا ، ورفع زهير  يده حتى يقول : هكذا ، ومد زهير  يده عرضا . 
 1035  - حدثنا  علي بن معبد ،  قال : حدثنا  روح بن عبادة ،  قال : حدثنا  شعبة ،  قال : سمعت  سمرة بن جندب ،  يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا يغرنكم نداء بلال ،  ولا هذا البياض حتى يبدو الفجر أو ينفجر الفجر " .  
 1036  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق ،  قال : حدثنا وهب ،  قال : حدثنا  شعبة ،  عن سوادة ،  عن سمرة ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله . 
ففي هذه الآثار التي روينا أن المراعى بالصيام هو طلوع الفجر ، وأنه الذي يحرم به الطعام والشراب على الصائم ،  وذلك موافق لقول الله عز وجل : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل   )  [ ص: 457 ]  . 
فهذه آية محكمة ، وهذه آثار صحيحة ، ولا نرى والله أعلم أن حديث حذيفة  الذي رويناه في صدر هذا الكتاب إلا متقدما لها ، أو منسوخا بها في أشياء مختلفة زيادات فيما تقدم من كتاب الصيام وجدناها في حديث واحد . 
 1037  - حدثنا بكار ،  قال : حدثنا  أبو داود ،  قال : حدثنا  المسعودي ،  عن  عمرو بن مرة ،  عن  ابن أبي ليلى ،  عن  معاذ بن جبل ،  قال : " أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال ، والصيام ثلاثة أحوال ، فأما أحوال الصيام ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة ،  فصام من كل شهر ثلاثة أيام ، وصام يوم عاشوراء ، فصام هكذا ستة عشر يوما أو سبعة عشر شهرا ، ثم إن الله تبارك وتعالى أنزل عليه : ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم   ) إلى قوله : ( فمن تطوع خيرا فهو خير له   ) . 
فكان من شاء صام ، ومن شاء أطعم مسكينا ، وأجزأ ذلك عنه حتى أنزل - عز وجل - : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان   ) إلى قوله : ( فليصمه   ) وإلى قوله : ( ولا يريد بكم العسر   ) ففرضه الله - عز وجل - ، وأثبت صيامه على الصحيح المقيم ، ورخص فيه للمريض وللمسافر ، وثبت الطعام للشيخ الذي لا يستطيع صيامه " . 
وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ، فإذا ناموا امتنعوا من ذلك ، فجاء رجل يقال له صرمة قد ظل يومه يعمل ، فجاء صلاة العشاء وضع رأسه ، فنام قبل أن يطعم ، فأصبح صائما ، فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من آخر النهار وقد أجهد ، فقال : " إني أراك قد أجهدت " ، فقال : يا رسول الله ، ظللت يومي أعمل ، فجئت صلاة العشاء ، فنمت قبل أن أطعم . 
وجاء عمر وقد أصاب من النساء فنزلت هذه الآية : ( أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم   ) إلى قوله - عز وجل - : ( من الخيط الأسود من الفجر   ) .  
ففي هذا الحديث غير وجه من الفقه فيما قد تقدم كلامنا فيه من كتابنا ، وكرهنا أن نقطع هذا الحديث فنجعل كل معنى منه في موضعه من كتابنا هذا ، فأتينا به على وجهه هاهنا والله الموفق . 
آخر الصيام والحمد لله وحده وأول الاعتكاف  [ ص: 458 ]  [ ص: 459 ]  . 
				
						
						
