تأويل قول الله - عز وجل - : ( فإذا تطهرن   )  الآية 
قال الله - عز وجل - : ( فإذا تطهرن   ) فلم يبين لنا ذلك الطهر ولا كيفيته ، وأما التطهير فكما في الحديث الذي قد رويناه في الباب الذي قبل هذا الباب عن  مجاهد ،  ولا نعلم في ذلك اختلافا ، وأما كيفيته فمبين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
 174  - حدثنا  الربيع المرادي ،  قال : حدثنا أسد ،  قال : حدثنا  أبو الأحوص ،  عن إبراهيم بن المهاجر ،  عن صدقة بنت شيبة ،  عن  عائشة  رضي الله عنها ، قالت : دخلت  أسماء بنت سكن  على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، كيف تغسل إحدانا إذا طهرت من المحيض ؟ قال : " تأخذ سدرها وماءها فتوضأ وتغسل رأسها وتدلكه حتى يبلغ الماء شؤون شعرها ، ثم تفيض على جسدها ، ثم تأخذ من صبها أو فرصتها فتطهر بها " فقالت : يا رسول الله ، كيف أتطهر بها ؟ ، فقال : " تطهري بها " قالت  عائشة :  فعرفت الذي يكني عنه ، فقلت لها : تتبعي بها آثار الدم . 
وهذا إذا كان الماء موجودا ، فأما إذا كان الماء معدوما فإن الله - عز وجل - قد بين لنا في الجنب في حال وجود الماء ما قد بينه لنا في كتابه ، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - في سننه مما ذكرناه في تأويل قول الله - عز وجل - : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا   ) ، وكان قد أوجب على الحائض عند طهرها من حيضها التطهر  بقوله : ( فإذا تطهرن   ) كما أوجب على الجنب التطهر بقوله : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا   ) ، وبين ذلك الطهر في الآية الأخرى بقوله - عز وجل - : ( ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا   ) ، وبينت السنة أن  [ ص: 129 ] الجنب يتيمم عند عدم الماء ،  فلما كانت الحائض بعد انقطاع الدم عنها في وجوب الغسل عليها في حال وجود الماء كالجنب كانت كهو في حال عدم الماء ، وكما كان الصعيد خلفا له في الطهارة بالماء ، كان لذلك الصعيد خلفا لها في الطهارة بالماء ، وهذا قول  مالك ،  وأبي حنيفة ،  وسفيان ،   وزفر ،   وأبي يوسف ،  ومحمد ،   والشافعي ،  وأكثر أهل العلم . 
				
						
						
