وقد ذهب ذاهبون إلى أن الكلام في الصلاة على السهو ربما يقطعها لو كان على العمد غير قاطع لها ويذهبون إلى التفرقة في ذلك بين العمد والسهو ، وقد دفع ذلك من قوله قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاوية بن الحكم : " إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، وإنما هو التسبيح ، والتكبير ، وتلاوة القرآن " ، ولم يستثن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك سهوا كما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - ما :
401 - حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن هلال بن أبي ميمونة ، عن عطاء بن يسار ، عن معاوية بن الحكم السلمي ، قال : بينا أنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة إذ عطس رجل من القوم ، فقلت : يرحمك الله ، فحدقني القوم بأبصارهم ، فقلت : واثكل أمياه ما لكم تنظرون إلي ؟
قال : فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم ، فلما رأيتهم يسكتونني ، لكني سكت ، فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلاته دعاني ، فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده - صلى الله عليه وسلم - كان أحسن تعليما منه ، والله ما ضربني ، ولا كهرني ، ولا سبني ، ولكن قال لي : " إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هي التسبيح ، والتكبير ، وتلاوة القرآن " .
أفلا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يستثن من ذلك سهوا ، وأخبر أن الصلاة لا تصلح لذلك الكلام الذي ليس منها .
وذهب ذاهبون آخرون إلى أن الكلام فيها للنائبة مثلها فيها مثل سلام الإمام من اثنتين ساهيا فتكلم لذلك ، وما أشبه ذلك جائز مباح غير داخل في النهي ، وقد منع من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
402 - كما حدثنا يونس ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " من نابه شيء في صلاته فليقل سبحان الله ، إنما التصفيق للنساء والتسبيح للرجال " . [ ص: 215 ] .
403 - وكما حدثنا يونس ، قال : أخبرنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " التسبيح للرجال والتصفيق للنساء " .
404 - وكما حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا يعلى بن عبيد الطنافسي ، قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله .
فمنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث من الكلام للناس في الصلاة إلا بما لو تكلم به فيها ، ولم تكن تلك النائبة لم يقطعها.


