الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  كتاب الزكاة [ ص: 256 ]

                  تأويل الزكوات المذكورات في القرآن

                  قال أبو جعفر رحمه الله : قال الله - عز وجل - : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ) ، وقال الله - عز وجل - : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) ، وقال - عز وجل - : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) ، في آي نظائر لذلك من القرآن ، فلم يبين لنا - عز وجل - في كتابه مقدار تلك الزكاة ، ولا أوقات وجوبها ، ولا الأموال التي تجب فيها ، وكان الخطاب بها مطلقا عاما على ظاهره .

                  ثم وجدناه - عز وجل - قد بين لنا على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن مراده بذلك خاص من الأموال ، وفي خاص من الأوقات ، وفي خاص من الناس .

                  فأما الأموال التي تجب فيها هذه الزكاة التي أمر بها في كتابه فالذهب ، والورق وما حكمه حكمها من أموال التجارات ، ومن المواشي السائمة من الإبل والبقر والغنم .

                  فأما المقدار الذي أوجب فيه الزكاة من الورق ومما حكمه حكمه ، ولم يوجبها في أقل منه فخمس أواق .

                  512 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عبد الله بن عمر العمري ، ويحيى بن عبد الله بن سالم العمري ، ومالك بن أنس ، وسفيان بن عيينة ، أن عمرو بن يحيى المازني حدثهم ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة " .

                  513 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني مالك بن أنس ، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله [ ص: 257 ] .

                  514 - حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : حدثني عياض بن عبد الله القرشي ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله .

                  ولم يبين لنا - صلى الله عليه وسلم - ما مقدار الأوقية في هذا الحديث ؟ ووجدنا ذلك مثبتا في غيره .

                  515 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن رجل من بني أسد ، قال : نزلت أنا وأهلي بقيع الغرقد قال : فقال لي أهلي : اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاسأله لنا شيئا نأكله ، وجعلوا يذكرون حاجتهم .

                  فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجدت عنده رجلا يسأله ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " لا أجد ما أعطيك " ، فولى الرجل وهو مغضب ، وهو يقول : لعمري إنك لتفضل من شئت .

                  فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه ليغضب علي ألا أجد ما أعطيه ، من سأل منكم وعنده أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا " .

                  فقال الأسدي : فقلت : للقحة لنا خير من أوقية ، قال : والأوقية أربعون درهما ، قال : فرجعت ولم أسأله ، قال : فقدم علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك بشعير وزبيب ، فقسم لنا منه حتى أغنانا الله - عز وجل - .


                  قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث أن الأوقية كان وزنها أربعين درهما مع أنا لا نعلم في ذلك تنازعا بين أهل العلم وأما الوقت الذي تجب فيه الزكاة فهو حلول الحول على ذوي الأموال التي تجب فيها الزكوات ، هذا لا اختلاف فيه بين أهل العلم ، ومما لا يحتاج فيه إلى الأخبار .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية