باب صدقة المواشي السائمة  
وأما المواشي السائمة فلا اختلاف بين أهل العلم في وجوب الزكاة فيها ، وفي دخولها في آي الزكاة المذكورة في القرآن . 
فأما ما كان منها من الغنم فلا شيء فيه حتى تكون أربعين ، فإذا كانت أربعين وحال عليها الحول ففيها شاة ، ثم كذلك فيما فوق الأربعين ، حتى تكون عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة على عشرين ومائة ففيها شاتان ، ثم كذلك فيما فوق الإحدى والعشرين والمائة حتى تكون مائتين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه ثم كذلك فيما فوق المائتين والواحدة حتى تكون أربع مائة ، وإذا كانت أربع مائة ففيها أربع شياه ، ثم كذلك أبدا في كل مائة شاة شاة . 
وهذا ما لا نعلم فيه اختلافا بين أهل العلم . 
وأما ما كان منها من البقر فلا شيء فيه حتى تبلغ ثلاثين ، فإذا بلغت ثلاثين وحال عليها الحول ففيها تبيع أو تبيعة منها ، ثم كذلك فيما فوق الثلاثين ، حتى تبلغ أربعين ، فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة ، فما زاد على ذلك ففي كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة ، غير أنه قد روي عن  أبي حنيفة  فيما زاد على الأربعين من البقر قولان ، أحدهما : أن فيه الزكاة بحساب ذلك . حدثنا بذلك سليمان ،  عن أبيه ، عن محمد ،  عن  أبي يوسف ،  عن  أبي حنيفة   [ ص: 295 ]  . 
والآخر : أنه لا شيء فيها حتى تكون ستين ، فيجب فيها تبيعان ، ثم كذلك ما زاد على كل عشرة ، فلا شيء فيه حتى تبلغ عشرة أخرى فتضم إليها فزكى على حساب كل ثلاثين تبيع ، وكل أربعين مسنة ، روى ذلك عنه أبو المنذر أسد بن عمرو البجلي ،  وهو قول  أبي يوسف ،  ومحمد  من رأيهما . حدثنا بذلك من قولهما سليمان ،  عن أبيه ، عن محمد ،  عن  أبي يوسف  من رأيه ، وحدثنا سليمان ،  عن أبيه ، عن محمد  من رأيه . 
وقد روي عن  ابن المسيب ،   وأبي قلابة ،   والزهري ،  وقتادة  أنهم كانوا يقولون في خمس من البقر شاة ، ولم نحتج إلى ذكر أسانيد ذلك ، إذ كان هذا القول منهم من الشواذ ، ومما لا يلتفت إليه ، وإذ كان أهل العلم جميعا سواهم على خلاف قولهم في ذلك ، وإذ كان قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن أصحابه من بعده خلاف قولهم في ذلك . 
 594  - حدثنا  الربيع المرادي ،  قال : حدثنا أسد ،  قال : حدثنا محمد بن حازم ،  عن  الأعمش ،  عن إبراهيم ،  عن مسروق ،  وشقيق  كلهم ، عن  معاذ بن جبل ،  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه إلى اليمن   " أمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا أو تبيعة ، ومن كل أربعين مسنة " .  
 595  - حدثنا يونس ،  قال : حدثنا  ابن وهب ،  قال : حدثنا  ابن لهيعة ،  عن عمار بن غزية ،  عن  عبد الله بن أبي بكر  أنه أخبره ، أن هذا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم  في فرائض البقر :   " ليس فيما دون الثلاثين من البقر صدقة ، فإذا بلغت ثلاثين ففيها عجل رابع ، والرابع الجذع إلى أن تبلغ أربعين ، فإذا بلغت أربعين ففيها بقرة مسنة " . 
 596  - حدثنا يونس ،  قال : أخبرنا  ابن وهب ،  أن  مالكا  أخبره ، قال : حدثني حميد بن قيس ،   [ ص: 296 ] عن  طاوس ،  أن معاذا  أخذ من ثلاثين بقرة تبيعا ، ومن أربعين بقرة مسنة ،  وأتي بما دون ذلك ، فأبى أن يأخذ منه ، وقال : " لم أسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه شيئا حتى ألقاه فأسأله فيه " ، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يقدم معاذ .  
 597  - حدثنا يحيى ،  قال : حدثنا نعيم ،  قال : حدثنا  ابن المبارك ،  قال : أخبرنا معمر ،  عن  أبي إسحاق الهمداني ،  عن عاصم بن ضمرة ،  عن علي -  رضي الله عنه - " في ثلاثين بقرة تبيع ، وفي أربعين بقرة مسنة   " . 
في قصدهم في هذه الآثار إلى الثلاثين وإلى الأربعين دليل أن حكم ما دون كل واحد منها بخلافه . 
ومما يدل على ذلك أيضا أن معاذا  لما أتي بدون ذلك فلم يأخذ منه شيئا ، إذ كان ما قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنده من ذلك غير مبيح له أخذ الزكاة مما دون ذلك . 
				
						
						
