تأويل قوله تعالى : ( فتيمموا صعيدا طيبا   )  
قال الله - عز وجل - : ( فتيمموا صعيدا طيبا   ) ، وكان قوله - عز وجل - : ( فتيمموا   ) من المحكم عند جميع العلماء ، وتأويله عندهم : اقصدوا صعيدا كما قال الله - عز وجل - : ( ولا آمين البيت الحرام   ) ، يعني : قاصدين ، وكما قال الله - عز وجل - : ( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون   ) يعني : ولا تقصدوا ، وسنذكر ما روي في ذلك في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله ، وكان قوله - عز وجل - : ( صعيدا طيبا   ) من المتشابه المختلف في المراد به ما هو ؟ 
فقال بعضهم : كل شيء من الأرض من رمل ، وتراب ، أو زرنيخ ، أو مغرة ، أو ما سوى ذلك فهو صعيد ، وممن قال ذلك منهم  أبو حنيفة ،   وزفر .  
وقال بعضهم : الصعيد الطيب : التراب النظيف دون ما سواه مما يخرج من الأرض . 
ولما اختلفوا في ذلك ، ولم نجد لما اختلفوا فيه دليلا في كتاب الله - عز وجل - التمسناه في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجدناه فيها . 
 100  - حدثنا  إسماعيل بن يحيى المزني ،  قال : حدثنا  الشافعي ،  قال : حدثنا  ابن عيينة ،  عن  الزهري ،  عن  ابن المسيب ،  عن  أبي هريرة  رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه  [ ص: 103 ] وسلم ، قال : " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي : جعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وأرسلت إلى الأحمر والأبيض ، وأعطيت الشفاعة " .  
قال لنا  المزني :  قال لي  الشافعي   : ثم جلست إلى سفيان  فذكر هذا الحديث ، فقال  الزهري ،  عن  أبي سلمة ،  أو سعيد ،  عن  أبي هريرة ،  ثم ذكره . 
 101  - حدثنا  أبو بكرة ،  قال : حدثنا  أبو داود ، صاحب الطيالسة ،  قال : حدثنا  المسعودي ،  عن مزاحم بن زفر الضبي ،  عن  مجاهد ،  عن  أبي هريرة ،  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله . وزاد فيه فادخرتها لأمتي يوم القيامة . 
فلما أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله - عز وجل - جعل له الأرض مسجد وطهورا ،  وكان المراد بالمسجد الصلاة عليها ، والمراد بالطهور التيمم بها ، كانت كل أرض جازت الصلاة عليها جازت التيمم بها ، فثبت بذلك ما ذهب إليه  أبو حنيفة   وزفر  في ذلك . 
				
						
						
