تأويل قول الله - عز وجل - : ( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه   )  
قال الله - عز وجل - : ( فامسحوا بوجوهكم   ) فكان هذا من المحكم القائم بنفسه ، ثم قال : ( وأيديكم منه   ) ، وكان من المتشابه المختلف في المراد به ما هو ؟ فقال قوم : هو على الكفين . 
وممن قال ذلك منهم : سليمان بن مهران الأعمش ،  وقال قوم : هو على الكفين والذراعين إلى المرفقين ، وممن قال ذلك منهم :  مالك ،  وأبو حنيفة ،   وأبو يوسف ،   وزفر ،  ومحمد ،   والشافعي .  
وقال قوم : هو على الكفين والذراعين إلى الآباط ، وممن قال ذلك منهم  الزهري ،  وكان  [ ص: 104 ] من حجة من ذهب إلى أن المراد في ذلك هو الكفان خاصة قول الله - عز وجل - : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما   ) ، فإنما ذلك على الكفين خاصة . 
وكان من الحجة على أهل هذه المقالة لمخالفتها أن هذه الآية التي ذكروها في قطع السارق ، كما ذكروا أن الآية الأخرى في التيمم قد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كيفية التيمم  المذكور فيها ، وفي تيمم أصحابه رضوان الله عليهم معه عند نزولها عليه ، وذلك ما : 
 102  - حدثنا  إبراهيم بن أبي داود ،  قال : حدثنا الوهبي ،  عن  ابن إسحاق ،  عن  الزهري ،  عن  عبيد الله ،  عن  ابن عباس ،  عن عمار ،  قال : " كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حين نزلت آية التيمم بالتراب ، فضربنا ضربة واحدة للوجه ، ثم ضربنا ضربة واحدة لليدين والمنكبين ظهرا وبطنا " .  
 103  - حدثنا  أبو بكرة ،  قال حدثنا إبراهيم بن يسار ،  قال حدثنا  سفيان بن عيينة ،  قال : حدثنا  عمرو بن دينار ،  عن  ابن شهاب ،  عن عبيد الله بن عبد الله ، عن أبيه ، عن  عمار بن ياسر ،  قال : " تيممنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المناكب " .  
 104  - حدثنا  محمد بن علي بن داود ،  قال : حدثنا سعيد بن داود الزهري ،  قال : حدثنا  مالك ،  أن  ابن شهاب  حدثهم ، أن  عبيد الله بن عبد الله  أخبره ، عن أبيه ، عن عمار ،  قال : " تيممنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتراب ، فمسحنا وجوهنا وأيدينا إلى المناكب .  
 105  - حدثنا  ابن أبي داود ،  قال : حدثنا  عبد الله بن محمد بن أسماء ،  قال : حدثنا  جويرية بن أسماء ،  عن  مالك ،  عن  الزهري ،  عن  عبيد الله ،  أنه أخبره ، عن أبيه ، عن عمار ،  مثله . 
 106  - حدثنا  ابن أبي داود ،  ومحمد بن النعمان السقطي ،  قالا : حدثنا  عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ،  قال : حدثنا  إبراهيم بن سعد ،  عن صالح ،  عن  ابن شهاب ،  عن  عبيد الله ،  عن  ابن عباس ،  عن عمار ،  قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فهلك عقد  لعائشة ،  فطلبوه حتى أصبحوا وليس مع القوم ماء ، " فنزلت الرخصة في التيمم في الصعدات ، فقام المسلمون فضربوا بأيديهم إلى الأرض ومسحوا بها وجوههم وظاهر أيديهم  [ ص: 105 ] إلى المناكب ، وباطنها إلى الآباط " .  
				
						
						
